جاسم
صفحة 1 من اصل 1
جاسم
[أهداف الجماعة:
1 دعوة الناس إلى التوحيد الخالص المطهر من جميع أرجاس الشرك وأدرانه وشوائبه، وإلى حب الله تعالى حبا صحيحا صادقا، يتمثل في طاعته وتقواه، والوقوف عند أمره ونهيه، وإرشادهم إلى أول ما يجب عليهم معرفته من هذا الدين: هو فرارهم إلى ربهم عز وجل بأن يعبدوه وحده لا شريك له {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ü وَلاَ تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات:50،51].
{وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزّاخجل انت في الجامعةاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5].
وذلك بأن يعرفوا ربهم ليجردوا عبادتهم له من كل شائبة. والقرآن كله ـ والسنة معه تؤازره ـ شرح لهذه الشوائب التي تحيط الأعمال، وتجعلها يوم القيامة هباء منثورًا {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْراخجل انت في الجامعة بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء:48].
{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة:72].
2 ـ إرشاد الناس إلى أخذ دينهم من نبعيه الصاقيين: صريح الكتاب، وصحيح السنة، لأنه لن يسعدهم في الدنيا وينجيهم في الآخرة إلا فهمهما واتباعهما، فما عداهما من أقوال الناس يحتمل الخطأ والصواب، فالصحيح ما حكما بصحته، والباطل ما حكما ببطلانه، أيًا قائله، ومهما نال في نفوس الجماهير من إجلال وإكبار، فالدين هو الجزاء المنتظر للعبد يوم القيامة، وهو يترتب ـ ثوابًا وعقابًا ـ على مبلغ التمسك بقول الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم أو الانحراف عنهما.
3 ـ إرشادهم إلى أن نصوص الكتاب والسنة لا محيد عنها البتة وأن دين الله محصر في ظاهر هذه النصوص التي قضت حكمة الله أن ينيط بها صلاح خلقه في دينهم ودنياهم، فألزمهم اتباعها، ونهاهم عن اتباع ما تشابه منها ابتغاء الفتنة وابتغاء تأوله. فمن اطمأن قلبه بالإيمان وسعه ما وسع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وتابعيهم بإحسان فكل هراء الصوفية وتأويلاتهم وشطحاتهم، ودعواهم بأن للقرآن والسنة ظاهرا وباطنا: إن هو إلا دجل وكذب صريح على الله ورسوله، دسه أعداء هذه الملة للقضاء عليها.
والكلام في ذلك طويل تناولته الجماعة في رسائل مستقلة.
4 ـ الدعوة إلى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم حبًا صادقًا صحيحًا، يحمل على اتخاذه مثلا أعلى، وأسوة حسنة والاقتداء به في عبادته وأحكامه ومعاملاته وأخلاقه، ومجانبة كل ما لم يكن عليه أمره وأمر أصحابه، وتقديم قوله على كل قول: أيا ما كان قائله {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر:7].
{وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزّاخجل انت في الجامعةاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور:56].
ومن قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده ونفسه والناس أجمعين».
5 ـ إرشادهم إلى أن الحكم بغير ما أنزل الله هلكة في الدنيا وشقوة في الآخرة، وأن الله أعلم بمصلحة عباده حيث أنزل لهم شرعا يحيط بهذه المصلحة من جميع جهاتها. فكل مشرع غيره في أي شأن من شئون الحياة فهو معتد عليه سبحانه منازع إياه في حقوقه التي ينبغي أن تكون له خالصة. وقد سمَّى ذلك شركًا بقوله بهذا الأسلوب الإنكاري المبين {أَمْ لَهُمْ شُراخجل انت في الجامعةاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ...} [الشورى:21].
{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ...} [التوبة:31].
فإنهم عظموهم وقدسوهم تعظيم الرب وتقديسه، وذلوا لهم لما شرعوا لهم مما لم يأذن به إذ يتعبدون بما بشرعونه لهم ومن زعم لنفسه حق التشريع فقد أعظم الفرية على الله ونازعه رداء الهيمنة على الخلق. وإن استجاب أحد لهذا المدعي كان متخذا له ربًا، وكان من المشركين {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44].
6 ـ الدعوة إلى مجانية البدع ومحدثات الأمور، والوقوف عند قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد». فكل ما جاء به في حياته فهو دين إلى قيام الساعة، وما لم يأت به فليس بدين إلى يوم القيامة، لقوله تعالى في آخر آية أنزلها إليه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة:3].
وقوله: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [الجاثية:18].
7 ـ محاربة الخرافات والعقائد الفاسدة التي دسها العدو لمحاربة هدي الله الذي حصره في الكتاب والسنة، والعمل على هداية الناس إلى الحقائق الكونية والدينية التي لا تقبل شكا ولا جدلا.
8 إرشاد الناس إلى أن حياتهم الدنيوية والأخروية مرتبطة كل واحدة منهما بالأخرى أوثق رباط، وكلتاهما مرتبطتان أقوى رباط بتلاوة القرآن حق تلاوته. وفهمه وتدبره والعمل به، والحذر كل الحذر من الشرك والكفر الذي يصفه ويحذر منه، والمبادرة إلى الإيمان والعقيدة والتوحيد والعبادة التي يدعو إليها. والتخلق بما يدعو إليه من خلق، واستمداد العبرة والذكرى منه، لأنه كما قال منزله تعريفًا بحقيقته {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشـاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنّاخجل انت في الجامعة لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:52]، وكما قال بيانًا لأثره في النفوس {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:122].
فكل قلب لم يحيا بالقرآن فهو ميت، وكل قلب لم يستتر بهدي الرسول فهو مظلم.
وعلى ذلك فاتخاذه حجبًا يتوهم أنها تشفي من الأمراض أو تمائم تقي العين زو اقتناؤه بركة، أو قراءته في جنائز الموتى وعلى قبورهم، أو غير ذلك مما هو ليس من غرضه. نقول: إن هذا جميعه من اتخاذ آيات الله ودينه هزوًا. ومن تلا القرآن حق تلاوته وتدبره حق تدبره: علم أنه بحذر أشد التحذير من الخرافات التي شوهت جمال الدين الصحيح، وإنما هي تقاليد وثنية يتوارثها الناس من غير تفكير يجادلون بها في الله بلا علم ولا هدىً ولا كتاب منير.
9 ـ إرشادهم إلى أن الله تعالى وصف الخير ووعد فاعله بالخير والمغفرة في الدنيا والآخرة، ووصف الشر وأنذر آتيه اللعنة وسوء الدار، ولم يعين أشخاصًا بأعيانهم ولا أمة بذاتها بل الناس أمام هذا المبدأ السامي سواء، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكُ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:46]، {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء:123]، وأنه «من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه» {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون:101].
ويكفي في إيقاظ الغافلين المغرورين: أن يطبق الرسول الأكره هذا المبدأ على بضعته الطاهرة فاطمة ـ رضي الله عنها ـ فيقول لها: «يا فاطمة بنت محمد، سليني من مالي ما شئت، واعملي فلن أغني عنك من الله شيئًا».
1 ـ إرشادهم إلى أن الفسوق والعصيان وانتهاك الحرمات بغير مبالاة، مع قطع ما أمر الله به أن يوصل من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصلة الأرحام إنما هو نتيجة لازمة لعدم إيمانهم بالله واليوم الآخر يشير إلى ذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ نُشُورًا} [الفرقان:40].
وذلك راجع إلى تورطهم في ضروب الشرك التي تورط فيها الناس من قبل والتعلق بغير الله، فلو أنهم آمنوا به وقدروه، ورجوا رحمته وحده وخافوا عذابه، لما تعدوا حدوده، ولا انتهكوا حرماته بهذه الجرأة الوقحة والاستهتار الفاضح، والقرآن يثبت به بجانب الذنوب التي أخذ بها الأمم السابقة أنهم كانوا به مشركين فنسبة الشرك إلى الذنوب نسبة النتيجة إلى المقدمة ليدل على أنهما متلازمان لا ينفكان، فكل منهما من وحي الشيطان وأنه إذا غلب العبد حتى يستهين بالمعصية، فلابد أن يجره إلى الشرك.
11 ـ إرشادهم إلى أن الالتزامات التي ألزم الله عباده أمرا كانت أو نهيًا، ليست إلا رحمهة بهم {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]، وأن ما ورد منها في الكتاب أو في السنة إنما هو شيء واحد، لا يقبل التجزئة، فمن أخذ منها شيئا وترك شيئا: فهو ممن آمن ببعض وكفر ببعض، وأن من هَّونُوها على الناس باسم العلماء فعرفوهم من حِيَل إبطالها ما صيرها كأن لم تكن ـ كحيلة إسقاط الصلاة وإسقاط الزكاة ـ فهم المجرمون الذين سيقرر المخدوعون بهم حين يذوقون وبال أمرهم في النار سبب ما هم فيه بقولهم {وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ} [الشعراء:99]، ولا عبرة مطلقًا بورود هذه الحيل في كتب الفقه، أو نسبتها إلى بعض المذاهب، فهذا كله باطل لا يغني من الحق شيئًا.
12 ـ إرشادهم إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يحرم تشريف القبور. ورفع البناء فوقها، بقباب ونحوها. واتخاذها مساجد وإيقاد السرج عليها وإقامة التماثيل، ودعاء المقبورين من دون الله والنذر لهم، والطواف حول القبور والتمسح بها ـ وما إلى ذلك مما حذر منه الرسول وأنذر ـ فهي الظلم الذي يمقته الله إلى يوم القيامة ـ مهما حاول المبطلون أن يلبسوها من الحكم ما يوافق أهواءهم زاعمين أنها بدع حسنة. فإنه صلى الله عليه وسلم حكم حكمًا لا ينقصه إلا ضال مفسد إذ قال صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» «وشر الأمور محدثاتها» فحقائق الأشياء ثابتة لا تتغير فالشرك الذي وصفه الله بأنه شرك لا يكون إيمانًا إن فعله أهل الجاهلية الثانية المنتسبون للأمة الإسلامية، ثم يبقى شركًا إن أتاه أهل الجاهلية الأولى، فاصطلاح الناس على فعل شيء بعينه لا يجعله حقًا إلا إذا كان حقًا في نفسه، والكتاب حجة عليهم وليست أفعالهم حجة على الكتاب، وإن وافقهم عليها من في الأرض جميعًا.
وقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: «بعث عليا إلى اليمن، فقال له: لا تجد قبرا مشرفا إلا سويته، ولا تمثالا إلا طمسته» [رواه مسلم].
فيا عجبًا كيف يقيمون باسم علي وأولاده ـ رضي الله عنهم ـ ما هدمه هو بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
13 ـ إرشاد الناس إلى أن موقفهم من صفات الله وأسمائه يجب أن يكون كموقف الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه تبعهم بإحسان: من إيمان بكل صفة جاءت في القرآن وصحيح السنة من الاستواء والفوقية واليد والعين النزول والضحك وما إليها على ظاهرها، بدون تأويل أو تمثيل أو تعطيلن، مع استحضار قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى:11].
عند ذكر أي صفة من الصفات لأن التأويل أو التعطيل قولُ على الله بغير علم، والتمثيل والتشبيه كفر واضح، ولو لم يرد الله من ذكر هذه الصفات بعينها مدلول بعينه لما ذكرها في القرآن تعريفًا لنا ودعوة إلى الإيمان به. ولا جاءت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولو كان المقصود باليد القدرة وبالعين العلم، وبالاستواء الاستيلاءك لما كن هناك داع لتكرارها، ولعُدَ ذلك طعنًا في بلاغة القرآن الذي جاء لكل لفظ منه معني خاص به. والذي يصفه منزله سبحانه بأنه {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42].
وهل هذه التأويلات إلا تحريف للكلم عن مواضعه وإبطال لمعاني القرآن؟.
ولما كان هذا مقام يعلو على متناول الأفهام كان الأخذ بظاهر ما قال الله ورسوله فيه هو طريق السلامة، ومحاولة الشطط عن هذا الظاهر: لعب بالنار.
14 ـ إرشاد الناس إلى وجوب تمسكهم بالرجولة لتظل لهم القوامة على النساء، فلا يفلت الزمام من أيديهم، كما حصل في العهد الأخير فخرجن ـ طوعًا أو كُرهًا ـ هائمأْت في الشوارع كاسيات عاريات، لا يلبسن إلا ما يزيدهم فتنة وإغراء، يصاحبهن من سَنن من الفجار باسم الحرية والمدنية، ولا زالت تتناقص النخوة من الرجال، وتتضاءل الغيرة على المحارم حتى تلاشت، قصرن يأتين ما يأتين من غير نكير. مع أن ذلك من أول وأهم الأسباب التي أخذ الله بها الأمم السابقة.
15 ـ إرشاد الناس إلى أن أصل الداء وجرثومته: هو سماحهم للنساء بارتياد الملاهي من مراقص وسينمات وما إليها، ففسدت نفوسهم واستعصت على العلاج، ولن تشفى هذه النفوس ويعيدها إلى العافية كما كانت إلا دواء الدين الفعال. ودواؤه جد قريب: من فهم القرآن والسنة الصحيحة. تلك هي غايتنا، وهذه هي بغيتنا فمن وفق منا إلى هداية رجل واحد ـ ولو نفسه ـ فطوبى له.
لا لمال نعمل، ولا لشهوة نسعى، ولا نسأل الناس أجرًا على هدايتهم وإرشادهم، وإنما نبغي ثواب الله ورحمته ومغفرته وثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون.
نريد أن يكون الدين حالا قائمًا بالنفس تدفع صاحبها إلى الاستقامة على الطريقة، وفعل الخير ومجانبة الشر، لا ألفاظًا يتحرك بها اللسان، بغير أن يكون لها أثر في الوجدان.
نريد أن يكون الدين يقينًا في القلب وطمأنينة في النفس، لا شرها في البطن، ولا حدة في الأسنان، نريد أن لا يكون الدين حرفة تؤكل بها الدنيا. ولا مترتزقًا تملأ به الخزائن والجيوب.
نريد أن تصلح نفوس هذه الفئات التي اتخذت الدين مرتزقًا، فهي تعمل على إفساد الجو وتعكير الصفو، وتطعن في دين المصلحين وتسلقهم بألسنتها الحداد، وتزلقهم بأبصارها ليسلم لها خبزها وماؤها مما تستله من أيدي الجاهلين الغافلين سحتًا، يملأ الله به بطونهم نارًا.
نريد أن يكون المسلمون أمة واحدة يقيمون دينهم ولا يتفرقون فيه، وأن تزول من بينهم هذه النزعات التي جعلتهم يفرقون دينهم فيكونون بتفريق الدين شيعًا يذوق بعضهم بأس بعض.
نريد الرجوع بالمسملين إلى سابق إيمانهم وسالف سلطانهم ولتكون كلمة الله هي العليا بعزة أوليائه، وكلمة الذين كفروا هي السفلى بذلة أعدائه.
نريد أن تتحطم هذه الطواغيت والأصنام التي أقيمت باسم الأولياء والصالحين وباسم الكتب والمؤلفين، التي انبثت في مشارق الأرض ومغاربها. فصرفت الناس عن توحيد الله وعبادته إلى عبادتها وطاعتها وعن الضراعة إليه وعن الاستعانة به إلى الاستعانة بها وعن القسم به إلى القسم بها وعن النذر له إلى النذر إليها، وعن الطواف ببيته إلى الطواف بأضرحتها، وعن التحاكم إلى كتابه ورسوله إلى التحاكم إليها، نريد أن لا يعرف المسلمون قوة غيبية يلجأون إليها في الكوارث والملمات، ويفزعون إليها لكشف الكربات إلا قوة الله تعالى وحده لا شريك له، فلا يصرفهم عنه صارف، ولا يصدهم عن ساحة رحمته صاد {وَإِذَا سَأَلاخجل انت في الجامعة عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].
الرجوع إلى القرآن العظيم والسنة النبوية الصحيحة وفهمهما على النهج الذي كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم، عملا بقول ربنا جل شأنه: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} وقوله سبحانه: { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا}.
ـ تتنقية ما علق بحياة المسلمين من الشرك على اختلاف مظاهره وتحذيرهم من البدع المنكرة والأفكار الدخيلة الباطلة وتنقية السنة من الروايات الضعيفة والموضوعة: التي شوهت صفاء الإسلام وحالت دون تقدم المسلمين أداء لأمانة العلم، وكما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له ينفون عن تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وتطبيقًا لأمر الله عز وجل: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.
ـ تربية المسلمين على دينهم الحق ودعوتهم إلى العمل بأحكامه، والتحلي بفضائله وآدابه التي تكفل لهم رضوان الله، وتحقق لهم السعادة والمجد، تحقيقا لوصف القرآن للفئة المستثناه من الخسران {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} ولأمره سبحانه: {ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون}.
ـ إحياء المنهج العلمي الإسلامي الصحيح في ضوء الكتاب والسنة، وعلى نهج سلفة الأمة وإزالة الجمود المذهبي والتعصب االاعمى الذي سيطر على عقول كثير من المسلمين، وأبعدهم عن صفاء الأخوة الإسلامية النقية تنفيذًا لأمر الله جل وعلا {واعتصموا بحبل اله جميعا ولا تفرقوا} وقوله صلى الله عليه وسلم: «وكونوا عباد الله إخوانا».
ـ السعي نحو استئناف حياة إسلامية راشدة على منهة النبوة، وإنشاء مجتمع رباني، وتطبيق حكم الله في الأرض. انطلاقًا من منهج السلف والتربية المبني على قوله تعالى: {ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم} واضعين نصب أعيننا قول ربنا سبحانه لنبيه {وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون} وتحقيقًا للقاعدة الشرعية، من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.
هذه دعوتنا ونحن ندعو المسلمين جميعًا إلى مؤازرتنا في حمل الأمانة التي تنهض بهم. وتنشر في الخافقين راية الإسلام الخالدة بصدق الأخوة. وصفاء المودة، واثقين بنصر الله وتمكينه لعباده الصالحين {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}.
و{إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88].
هذا ـ ونرجو أن تكون رسائل جماعة أنصار السنة دُولة بين الناس، فيقرؤها المسلم ويعطيها أخاه لينتفع بها ولا يحجزها عمن يريدها فيحجز عنه الخير حتى يدخل قارئوها إن شاء الله ـ في عموم قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ} [الزمر:18].[/b][/color][/font][/right]
1 دعوة الناس إلى التوحيد الخالص المطهر من جميع أرجاس الشرك وأدرانه وشوائبه، وإلى حب الله تعالى حبا صحيحا صادقا، يتمثل في طاعته وتقواه، والوقوف عند أمره ونهيه، وإرشادهم إلى أول ما يجب عليهم معرفته من هذا الدين: هو فرارهم إلى ربهم عز وجل بأن يعبدوه وحده لا شريك له {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ü وَلاَ تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات:50،51].
{وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزّاخجل انت في الجامعةاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5].
وذلك بأن يعرفوا ربهم ليجردوا عبادتهم له من كل شائبة. والقرآن كله ـ والسنة معه تؤازره ـ شرح لهذه الشوائب التي تحيط الأعمال، وتجعلها يوم القيامة هباء منثورًا {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْراخجل انت في الجامعة بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء:48].
{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة:72].
2 ـ إرشاد الناس إلى أخذ دينهم من نبعيه الصاقيين: صريح الكتاب، وصحيح السنة، لأنه لن يسعدهم في الدنيا وينجيهم في الآخرة إلا فهمهما واتباعهما، فما عداهما من أقوال الناس يحتمل الخطأ والصواب، فالصحيح ما حكما بصحته، والباطل ما حكما ببطلانه، أيًا قائله، ومهما نال في نفوس الجماهير من إجلال وإكبار، فالدين هو الجزاء المنتظر للعبد يوم القيامة، وهو يترتب ـ ثوابًا وعقابًا ـ على مبلغ التمسك بقول الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم أو الانحراف عنهما.
3 ـ إرشادهم إلى أن نصوص الكتاب والسنة لا محيد عنها البتة وأن دين الله محصر في ظاهر هذه النصوص التي قضت حكمة الله أن ينيط بها صلاح خلقه في دينهم ودنياهم، فألزمهم اتباعها، ونهاهم عن اتباع ما تشابه منها ابتغاء الفتنة وابتغاء تأوله. فمن اطمأن قلبه بالإيمان وسعه ما وسع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وتابعيهم بإحسان فكل هراء الصوفية وتأويلاتهم وشطحاتهم، ودعواهم بأن للقرآن والسنة ظاهرا وباطنا: إن هو إلا دجل وكذب صريح على الله ورسوله، دسه أعداء هذه الملة للقضاء عليها.
والكلام في ذلك طويل تناولته الجماعة في رسائل مستقلة.
4 ـ الدعوة إلى حب رسول الله صلى الله عليه وسلم حبًا صادقًا صحيحًا، يحمل على اتخاذه مثلا أعلى، وأسوة حسنة والاقتداء به في عبادته وأحكامه ومعاملاته وأخلاقه، ومجانبة كل ما لم يكن عليه أمره وأمر أصحابه، وتقديم قوله على كل قول: أيا ما كان قائله {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر:7].
{وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزّاخجل انت في الجامعةاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور:56].
ومن قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده ونفسه والناس أجمعين».
5 ـ إرشادهم إلى أن الحكم بغير ما أنزل الله هلكة في الدنيا وشقوة في الآخرة، وأن الله أعلم بمصلحة عباده حيث أنزل لهم شرعا يحيط بهذه المصلحة من جميع جهاتها. فكل مشرع غيره في أي شأن من شئون الحياة فهو معتد عليه سبحانه منازع إياه في حقوقه التي ينبغي أن تكون له خالصة. وقد سمَّى ذلك شركًا بقوله بهذا الأسلوب الإنكاري المبين {أَمْ لَهُمْ شُراخجل انت في الجامعةاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ...} [الشورى:21].
{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ...} [التوبة:31].
فإنهم عظموهم وقدسوهم تعظيم الرب وتقديسه، وذلوا لهم لما شرعوا لهم مما لم يأذن به إذ يتعبدون بما بشرعونه لهم ومن زعم لنفسه حق التشريع فقد أعظم الفرية على الله ونازعه رداء الهيمنة على الخلق. وإن استجاب أحد لهذا المدعي كان متخذا له ربًا، وكان من المشركين {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44].
6 ـ الدعوة إلى مجانية البدع ومحدثات الأمور، والوقوف عند قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد». فكل ما جاء به في حياته فهو دين إلى قيام الساعة، وما لم يأت به فليس بدين إلى يوم القيامة، لقوله تعالى في آخر آية أنزلها إليه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة:3].
وقوله: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [الجاثية:18].
7 ـ محاربة الخرافات والعقائد الفاسدة التي دسها العدو لمحاربة هدي الله الذي حصره في الكتاب والسنة، والعمل على هداية الناس إلى الحقائق الكونية والدينية التي لا تقبل شكا ولا جدلا.
8 إرشاد الناس إلى أن حياتهم الدنيوية والأخروية مرتبطة كل واحدة منهما بالأخرى أوثق رباط، وكلتاهما مرتبطتان أقوى رباط بتلاوة القرآن حق تلاوته. وفهمه وتدبره والعمل به، والحذر كل الحذر من الشرك والكفر الذي يصفه ويحذر منه، والمبادرة إلى الإيمان والعقيدة والتوحيد والعبادة التي يدعو إليها. والتخلق بما يدعو إليه من خلق، واستمداد العبرة والذكرى منه، لأنه كما قال منزله تعريفًا بحقيقته {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشـاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنّاخجل انت في الجامعة لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:52]، وكما قال بيانًا لأثره في النفوس {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام:122].
فكل قلب لم يحيا بالقرآن فهو ميت، وكل قلب لم يستتر بهدي الرسول فهو مظلم.
وعلى ذلك فاتخاذه حجبًا يتوهم أنها تشفي من الأمراض أو تمائم تقي العين زو اقتناؤه بركة، أو قراءته في جنائز الموتى وعلى قبورهم، أو غير ذلك مما هو ليس من غرضه. نقول: إن هذا جميعه من اتخاذ آيات الله ودينه هزوًا. ومن تلا القرآن حق تلاوته وتدبره حق تدبره: علم أنه بحذر أشد التحذير من الخرافات التي شوهت جمال الدين الصحيح، وإنما هي تقاليد وثنية يتوارثها الناس من غير تفكير يجادلون بها في الله بلا علم ولا هدىً ولا كتاب منير.
9 ـ إرشادهم إلى أن الله تعالى وصف الخير ووعد فاعله بالخير والمغفرة في الدنيا والآخرة، ووصف الشر وأنذر آتيه اللعنة وسوء الدار، ولم يعين أشخاصًا بأعيانهم ولا أمة بذاتها بل الناس أمام هذا المبدأ السامي سواء، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكُ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت:46]، {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء:123]، وأنه «من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه» {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون:101].
ويكفي في إيقاظ الغافلين المغرورين: أن يطبق الرسول الأكره هذا المبدأ على بضعته الطاهرة فاطمة ـ رضي الله عنها ـ فيقول لها: «يا فاطمة بنت محمد، سليني من مالي ما شئت، واعملي فلن أغني عنك من الله شيئًا».
1 ـ إرشادهم إلى أن الفسوق والعصيان وانتهاك الحرمات بغير مبالاة، مع قطع ما أمر الله به أن يوصل من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصلة الأرحام إنما هو نتيجة لازمة لعدم إيمانهم بالله واليوم الآخر يشير إلى ذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ نُشُورًا} [الفرقان:40].
وذلك راجع إلى تورطهم في ضروب الشرك التي تورط فيها الناس من قبل والتعلق بغير الله، فلو أنهم آمنوا به وقدروه، ورجوا رحمته وحده وخافوا عذابه، لما تعدوا حدوده، ولا انتهكوا حرماته بهذه الجرأة الوقحة والاستهتار الفاضح، والقرآن يثبت به بجانب الذنوب التي أخذ بها الأمم السابقة أنهم كانوا به مشركين فنسبة الشرك إلى الذنوب نسبة النتيجة إلى المقدمة ليدل على أنهما متلازمان لا ينفكان، فكل منهما من وحي الشيطان وأنه إذا غلب العبد حتى يستهين بالمعصية، فلابد أن يجره إلى الشرك.
11 ـ إرشادهم إلى أن الالتزامات التي ألزم الله عباده أمرا كانت أو نهيًا، ليست إلا رحمهة بهم {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185]، وأن ما ورد منها في الكتاب أو في السنة إنما هو شيء واحد، لا يقبل التجزئة، فمن أخذ منها شيئا وترك شيئا: فهو ممن آمن ببعض وكفر ببعض، وأن من هَّونُوها على الناس باسم العلماء فعرفوهم من حِيَل إبطالها ما صيرها كأن لم تكن ـ كحيلة إسقاط الصلاة وإسقاط الزكاة ـ فهم المجرمون الذين سيقرر المخدوعون بهم حين يذوقون وبال أمرهم في النار سبب ما هم فيه بقولهم {وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ} [الشعراء:99]، ولا عبرة مطلقًا بورود هذه الحيل في كتب الفقه، أو نسبتها إلى بعض المذاهب، فهذا كله باطل لا يغني من الحق شيئًا.
12 ـ إرشادهم إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يحرم تشريف القبور. ورفع البناء فوقها، بقباب ونحوها. واتخاذها مساجد وإيقاد السرج عليها وإقامة التماثيل، ودعاء المقبورين من دون الله والنذر لهم، والطواف حول القبور والتمسح بها ـ وما إلى ذلك مما حذر منه الرسول وأنذر ـ فهي الظلم الذي يمقته الله إلى يوم القيامة ـ مهما حاول المبطلون أن يلبسوها من الحكم ما يوافق أهواءهم زاعمين أنها بدع حسنة. فإنه صلى الله عليه وسلم حكم حكمًا لا ينقصه إلا ضال مفسد إذ قال صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» «وشر الأمور محدثاتها» فحقائق الأشياء ثابتة لا تتغير فالشرك الذي وصفه الله بأنه شرك لا يكون إيمانًا إن فعله أهل الجاهلية الثانية المنتسبون للأمة الإسلامية، ثم يبقى شركًا إن أتاه أهل الجاهلية الأولى، فاصطلاح الناس على فعل شيء بعينه لا يجعله حقًا إلا إذا كان حقًا في نفسه، والكتاب حجة عليهم وليست أفعالهم حجة على الكتاب، وإن وافقهم عليها من في الأرض جميعًا.
وقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: «بعث عليا إلى اليمن، فقال له: لا تجد قبرا مشرفا إلا سويته، ولا تمثالا إلا طمسته» [رواه مسلم].
فيا عجبًا كيف يقيمون باسم علي وأولاده ـ رضي الله عنهم ـ ما هدمه هو بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
13 ـ إرشاد الناس إلى أن موقفهم من صفات الله وأسمائه يجب أن يكون كموقف الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه تبعهم بإحسان: من إيمان بكل صفة جاءت في القرآن وصحيح السنة من الاستواء والفوقية واليد والعين النزول والضحك وما إليها على ظاهرها، بدون تأويل أو تمثيل أو تعطيلن، مع استحضار قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى:11].
عند ذكر أي صفة من الصفات لأن التأويل أو التعطيل قولُ على الله بغير علم، والتمثيل والتشبيه كفر واضح، ولو لم يرد الله من ذكر هذه الصفات بعينها مدلول بعينه لما ذكرها في القرآن تعريفًا لنا ودعوة إلى الإيمان به. ولا جاءت على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولو كان المقصود باليد القدرة وبالعين العلم، وبالاستواء الاستيلاءك لما كن هناك داع لتكرارها، ولعُدَ ذلك طعنًا في بلاغة القرآن الذي جاء لكل لفظ منه معني خاص به. والذي يصفه منزله سبحانه بأنه {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42].
وهل هذه التأويلات إلا تحريف للكلم عن مواضعه وإبطال لمعاني القرآن؟.
ولما كان هذا مقام يعلو على متناول الأفهام كان الأخذ بظاهر ما قال الله ورسوله فيه هو طريق السلامة، ومحاولة الشطط عن هذا الظاهر: لعب بالنار.
14 ـ إرشاد الناس إلى وجوب تمسكهم بالرجولة لتظل لهم القوامة على النساء، فلا يفلت الزمام من أيديهم، كما حصل في العهد الأخير فخرجن ـ طوعًا أو كُرهًا ـ هائمأْت في الشوارع كاسيات عاريات، لا يلبسن إلا ما يزيدهم فتنة وإغراء، يصاحبهن من سَنن من الفجار باسم الحرية والمدنية، ولا زالت تتناقص النخوة من الرجال، وتتضاءل الغيرة على المحارم حتى تلاشت، قصرن يأتين ما يأتين من غير نكير. مع أن ذلك من أول وأهم الأسباب التي أخذ الله بها الأمم السابقة.
15 ـ إرشاد الناس إلى أن أصل الداء وجرثومته: هو سماحهم للنساء بارتياد الملاهي من مراقص وسينمات وما إليها، ففسدت نفوسهم واستعصت على العلاج، ولن تشفى هذه النفوس ويعيدها إلى العافية كما كانت إلا دواء الدين الفعال. ودواؤه جد قريب: من فهم القرآن والسنة الصحيحة. تلك هي غايتنا، وهذه هي بغيتنا فمن وفق منا إلى هداية رجل واحد ـ ولو نفسه ـ فطوبى له.
لا لمال نعمل، ولا لشهوة نسعى، ولا نسأل الناس أجرًا على هدايتهم وإرشادهم، وإنما نبغي ثواب الله ورحمته ومغفرته وثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون.
نريد أن يكون الدين حالا قائمًا بالنفس تدفع صاحبها إلى الاستقامة على الطريقة، وفعل الخير ومجانبة الشر، لا ألفاظًا يتحرك بها اللسان، بغير أن يكون لها أثر في الوجدان.
نريد أن يكون الدين يقينًا في القلب وطمأنينة في النفس، لا شرها في البطن، ولا حدة في الأسنان، نريد أن لا يكون الدين حرفة تؤكل بها الدنيا. ولا مترتزقًا تملأ به الخزائن والجيوب.
نريد أن تصلح نفوس هذه الفئات التي اتخذت الدين مرتزقًا، فهي تعمل على إفساد الجو وتعكير الصفو، وتطعن في دين المصلحين وتسلقهم بألسنتها الحداد، وتزلقهم بأبصارها ليسلم لها خبزها وماؤها مما تستله من أيدي الجاهلين الغافلين سحتًا، يملأ الله به بطونهم نارًا.
نريد أن يكون المسلمون أمة واحدة يقيمون دينهم ولا يتفرقون فيه، وأن تزول من بينهم هذه النزعات التي جعلتهم يفرقون دينهم فيكونون بتفريق الدين شيعًا يذوق بعضهم بأس بعض.
نريد الرجوع بالمسملين إلى سابق إيمانهم وسالف سلطانهم ولتكون كلمة الله هي العليا بعزة أوليائه، وكلمة الذين كفروا هي السفلى بذلة أعدائه.
نريد أن تتحطم هذه الطواغيت والأصنام التي أقيمت باسم الأولياء والصالحين وباسم الكتب والمؤلفين، التي انبثت في مشارق الأرض ومغاربها. فصرفت الناس عن توحيد الله وعبادته إلى عبادتها وطاعتها وعن الضراعة إليه وعن الاستعانة به إلى الاستعانة بها وعن القسم به إلى القسم بها وعن النذر له إلى النذر إليها، وعن الطواف ببيته إلى الطواف بأضرحتها، وعن التحاكم إلى كتابه ورسوله إلى التحاكم إليها، نريد أن لا يعرف المسلمون قوة غيبية يلجأون إليها في الكوارث والملمات، ويفزعون إليها لكشف الكربات إلا قوة الله تعالى وحده لا شريك له، فلا يصرفهم عنه صارف، ولا يصدهم عن ساحة رحمته صاد {وَإِذَا سَأَلاخجل انت في الجامعة عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].
الرجوع إلى القرآن العظيم والسنة النبوية الصحيحة وفهمهما على النهج الذي كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم، عملا بقول ربنا جل شأنه: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} وقوله سبحانه: { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا}.
ـ تتنقية ما علق بحياة المسلمين من الشرك على اختلاف مظاهره وتحذيرهم من البدع المنكرة والأفكار الدخيلة الباطلة وتنقية السنة من الروايات الضعيفة والموضوعة: التي شوهت صفاء الإسلام وحالت دون تقدم المسلمين أداء لأمانة العلم، وكما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له ينفون عن تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وتطبيقًا لأمر الله عز وجل: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}.
ـ تربية المسلمين على دينهم الحق ودعوتهم إلى العمل بأحكامه، والتحلي بفضائله وآدابه التي تكفل لهم رضوان الله، وتحقق لهم السعادة والمجد، تحقيقا لوصف القرآن للفئة المستثناه من الخسران {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} ولأمره سبحانه: {ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون}.
ـ إحياء المنهج العلمي الإسلامي الصحيح في ضوء الكتاب والسنة، وعلى نهج سلفة الأمة وإزالة الجمود المذهبي والتعصب االاعمى الذي سيطر على عقول كثير من المسلمين، وأبعدهم عن صفاء الأخوة الإسلامية النقية تنفيذًا لأمر الله جل وعلا {واعتصموا بحبل اله جميعا ولا تفرقوا} وقوله صلى الله عليه وسلم: «وكونوا عباد الله إخوانا».
ـ السعي نحو استئناف حياة إسلامية راشدة على منهة النبوة، وإنشاء مجتمع رباني، وتطبيق حكم الله في الأرض. انطلاقًا من منهج السلف والتربية المبني على قوله تعالى: {ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم} واضعين نصب أعيننا قول ربنا سبحانه لنبيه {وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون} وتحقيقًا للقاعدة الشرعية، من تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.
هذه دعوتنا ونحن ندعو المسلمين جميعًا إلى مؤازرتنا في حمل الأمانة التي تنهض بهم. وتنشر في الخافقين راية الإسلام الخالدة بصدق الأخوة. وصفاء المودة، واثقين بنصر الله وتمكينه لعباده الصالحين {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}.
و{إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88].
هذا ـ ونرجو أن تكون رسائل جماعة أنصار السنة دُولة بين الناس، فيقرؤها المسلم ويعطيها أخاه لينتفع بها ولا يحجزها عمن يريدها فيحجز عنه الخير حتى يدخل قارئوها إن شاء الله ـ في عموم قوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الأَلْبَابِ} [الزمر:18].[/b][/color][/font][/right]
أبوعمر الوهيبى24- king
- عدد المساهمات : 124
تاريخ التسجيل : 06/08/2008
العمر : 45
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى